الأطعمة الطبية في فيتنام: المدهشة، والمحرجة، والمحيرة

إن الطعام يغذي. لكن الطعام قد يسمم أيضًا. هناك اعتقاد غريب قديم في فيتنام يقول شيئًا من هذا القبيل: "تناول الدجاج مع أوراق النعناع الليموني الفيتنامي يمكن أن يسبب مرضًا يشبه الجذام". الحقيقة هي أنه عندما يتم تناول خليط الدجاج والنعناع الليموني فإن هذا لن يجعلك مريضًا مزمنًا، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى نوع خاص من الغثيان والحكة التي لا يريد أحد التعامل معها. هذه مجرد نصيحة واحدة من مدرسة العلاج الغذائي، حيث يلتقي المطبخ بالطب، وهي ممارسة متجذرة بعمق في الطب الصيني القديم. في حين تم تفنيد بعض هذه الأفكار باعتبارها أسطورة محضة إلا أنه لا يزال البعض الآخر عزيزًا وممارسًا، سواء في عيادة طبيب شرقي أو مطبخ طاهٍ.

فلسفة الين واليانج

يعتبر مفهوم الين واليانج الفلسفة الأساسية في كل جانب من جوانب الثقافة والمجتمع التقليدي في شرق آسيا. إنهما قوتان متعارضتان ومتكاملتان من الطاقة. "الين" أنثوي ومتقبل، بينما "اليانج" ذكوري ونشط. يتوسع اليانج ويهيمن، بينما يظل الين ثابتًا ومستقرًا. في عالم الطعام، يكون الين باردًا، بينما يكون اليانج حارًا ودافئًا. وإلى جانب الحياد، تشكل هذه المزاجات الأساسية الخمسة في العلاج الغذائي. تشمل بعض أطعمة اليانج اللحوم الحمراء والبطاطس والجزر والأعشاب والتوابل (الزنجبيل والثوم والبصل...). ومن ناحية أخرى، تشمل أطعمة الين الخضروات الورقية والتوفو والخيار والبطيخ والمزيد. يعد توازن الين واليانج الحالة المثالية لوجود الجسم وازدهاره. فإذا كانت إحدى الطاقتين مفقودة، فأنت بحاجة إلى إدخال الأخرى لاستعادة التوازن. ينطبق هذا المبدأ غالبًا على كيفية إقران المكونات لتشكيل طبق متناغم. المأكولات البحرية، بشكل عام، "باردة"، وبالتالي، تحتاج إلى استكمالها بشيء "حار". لحم الدجاج، وهو طعام "دافئ"، لكنه غالبًا ما يُقدم مع مقبلات "دافئة" أخرى: أوراق الليمون. قد يكون العديد من الغربيين على دراية بهذا المكون من خلال الكاري التايلاندي، ولكن في فيتنام، يُعرف على شكل أوراق الليمون المقطعة إلى شرائح رقيقة، والتي تُرش فوق الدجاج المطهو ​​على البخار. إن الطريقة الأكثر شيوعًا لتحضير الدجاج في فيتنام ليست القلي بل السلق (أو الطهي على البخار)، حيث يُعتقد أن هذه الطريقة تحافظ على طراوته وقيمته الغذائية.

خمسة عناصر في دورة الحياة

بناءً على أساس الين واليانج، إن مفهوم العناصر الخمسة الأكثر تعقيدًا (أو العوامل الخمسة، 五行) يأخذ الأمر إلى أبعد من ذلك. يتكون النظام من المعدن والخشب والماء والنار والأرض، مما يخلق دورة مثالية من التكاثر والتدمير.

الماء يغذي الخشب ولكنه يطفئ النار.

النار تخلق الرماد، مما يثري الأرض، ولكنه يذيب المعدن ويدمره.

يتبخر المعدن ويخلق الماء، في حين أن شفرة المعدن قد تقطع الخشب.

يعزز الخشب قوة النار، ولكنه يستنفد العناصر الغذائية من الأرض.

تعمل الأرض على توحيد المعادن لتكوين المعدن، ولكنها تمنع الماء من التدفق بحرية.

يتمتع كل عنصر في الأساس بالقدرة على تنشيط عنصر وإبادة عنصر آخر. فأنت لست محصنًا ضد الأشياء أو عاجزًا تمامًا. تقدم دورة العناصر الخمسة طريقة متطورة ومباشرة لعرض الطبيعة والثقافة والطب والاستراتيجية العسكرية والحياة البشرية.

في الطب الصيني التقليدي، يتم تمثيل العناصر الخمسة على النحو التالي:

المعدن هو النفاذة (التوابل أو الحرارة)، ويقع في الرئتين والأمعاء الغليظة.

الخشب هو الحموضة، ويقع في الكبد والمرارة.

الماء هو الملوحة، ويقع في الكلى والمثانة.

النار هي المرارة، وتقع في القلب والأمعاء الدقيقة.

التراب هو الحلاوة، وتقع في الطحال والمعدة.

بشكل عام، الإفراط في تناول أي نوع من الطعام أو النكهات يمكن أن يرهق العضو المقابل.

الموقف المحرج في المجتمع الحديث

يمكن أن يكون سبب عدم وضوح الرؤية والدوار نقص تدفق الدم إلى الكبد، مما يؤثر على العينين. في معظم دول شرق وجنوب شرق آسيا، لا يشكل الطب التقليدي جزءًا من المناهج الدراسية الرسمية الإلزامية.و تتبع دورات علم الأحياء نفس الإرشادات العلمية للفيتامينات وعلم التشريح كما هو الحال في الغرب. إن الطب الشرقي مخصص لبرامج الكليات المتخصصة أو يتم تناقله في العائلات التي مارسته منذ فترة طويلة. وبالنسبة لمعظمنا، تتوقف معرفتنا عند قاعدة الين واليانج. قلنا في وقت سابق، إن هذا لا يتعلق باستخدام الطعام كدواء حقيقي. لكن يعتقد أن استخدام الطعام لتغذية الجسم في حرارة الصيف الشديدة أو برد الشتاء القارس أمر ضروري. ولكن عندما يتعلق الأمر بعلاج الحالات الخطيرة، فليس هناك المعرفة الكافية لشرحها، ناهيك عن الحكم عليها. ولكن أين تختلط الحدود؟ في فيتنام، هناك حديث مستمر حول ما يجب عليك فعله عند تشخيص إصابتك بالسرطان: اتباع المسار الطبي الغربي أو اتباع المسار التقليدي؟ إن هذا الخطاب لا يقتصر على الدول الشرقية - فقط استبدل "التقليدي" بـ "البديل". تنبيه: إذا بحثت في جوجل عن "السرطان" و"الطب التقليدي" معًا باللغة الفيتنامية، فستجد الكثير من التحذيرات والقصص الحزينة والمقالات التي تتوسل الناس لزيارة الطبيب المناسب. عند اختيار الطريقة الغربية، من الواضح. وبصرف النظر عن التعب العرضي، والتشنجات الخفيفة، وفقدان الشهية، فالإنسان يكون بخير لكن عدد خلايا الدم البيضاء لديه يتقلب أحيانًا إلى مستويات منخفضة بشكل خطير.

ماذا يجب أن تأكل إذن؟

في فيتنام، يحتل الطب التقليدي مساحة غريبة - متأصلة بعمق في اللاوعي الجماعي لدى الشعب، ومع ذلك يتم تجاهلها أو إخفاؤها في مجتمع صغير مسور. ونادراً ما يتعلم الجمهور عنها بشكل صحيح ومنهجي، مما يؤدي إلى الإفراط في استخدامها أو إساءة استخدامها. في الصين، هناك نهضة في الاهتمام بالأطعمة الطبية، وخاصة بين الأجيال الأصغر سناً (على الرغم من أن الكثير منها يركز على مكافحة الشيخوخة). ومع ذلك، فإن هذا الإحياء يأتي مع تطور إيجابي: الطعام، بعد كل شيء، هو الحياة. عندما تمارس العلاج الغذائي عمدًا، تصبح بطبيعة الحال أكثر وعيًا بعاداتك في ممارسة التمارين الرياضية، ورفاهتك العقلية، والتوازن بين العمل والترفيه.