تكية معاون الملك... روائع الفن وتناسق الألوان في كرمانشاه

تكية معاون الملك في مدينة كرمانشاه هو أحد الآثار الأنيقة والرائعة التي بقيت من فترة القاجار في كرمانشاه. تم بناء هذه التكية لاستخدامها في الحفل الديني لتكريم شجاعة الإمام الحسين رضي الله عنه عند الشيعة، ويشتهر هذا المبنى ببلاطه الفريد الزاهي الألوان. كانت التكية في أول الأمر من ابتكار العثمانيين، ثم استخدمها المماليك تحت مسمى " الخانقاه" حيث كانت أماكن للراحة ثم أصبحت إحدى العادات الاجتماعية التي يتم فيها إطعام الناس ومساعدة عابري السبيل بلا مقابل كنوع من التكافل الاجتماعي، ثم  استخدمها القاجاريون في بلاد فارس بعد ذلك حيث أقيمت فيها تجمعاتٌ مختلفةٌ. تعتبر تكية معاون الملك واحدةً من أجمل وأشهر الأمثلة على هذا النوع من التكافل في زمن القاجار وما زال هذا المبنى قائمًا حتى اليوم في قلب كرمانشاه ليشهد على كرم ونبل وترابط المجتمع الفارسي.

سبب تسمية التكية بهذا الاسم

كلمة تكية مشتقة من الفعل " اتّكأ" بمعنى الاستناد إلى الشيئ بهدف الراحة والاسترخاء ، وهي الكلمة الفارسية المرادفة لكلمة "الخانقاه" بمعنى الزاوية أيضًا. ويعتقد المستشرق الفرنسي "كلمان هوار" أن كلمة تكية تعني "الجلد" لتذكير الناس بالملابس الصوفية الجلدية التي تشير إلى الزهد حيث أن شيوخ الصوفية كانوا يتخذون جلود الحيوانات كراياتٍ ويرفعونها كشعارٍ لهم في الزوايا الصوفية الخاصة بهم.

بداية إنشاء تكية معاون الملك في كرمانشاه

تم بناء تكية معاون الملك بأمرٍ مباشرٍ من "حسين خان"، المعروف باسم "معين الرؤية" وشاركه ثلاثة أشقاء في بنائها. بدأ البناء عام 1282هـ بعج الاتفاق على تصميم المبنى، منذ البداية، بهدف إقامة الاحتفالات واستخدامه كقاعدة للتوفيق بين القبائل. كان المهندس المعماري "أصقر ممرباشي" هو صاحب التصميم ، وقام بكتابة اسمه في نقش على واجهة المبنى كتخليدٍ لتلك الذكرى.

تكية معاون الملك كمركزٍ دينيٍ

تم استخدام التكيات فيما بعد كقواعد دينيةٍ خلال فترة القاجار، حيث أقيمت احتفالاتٌ دينيةُ مختلفةٌ. تكية معاون الملك هي واحدة من أجمل وأشهر الأمثلة على هذه القواعد الدينية التي تقع اليوم في قلب كرمانشاه. تحكي هذه التكية بالأخص قصةٌ صراع وصلحٍ بين عائلتين نحكيها لكم.

في عام 1327 هـ قامت حركة إصلاحية في بلاد فارس تم على إثرها تدمير "تكية معاون الملك" ، وأكلق على تلك الحركة اسم "حركة الدستورية"، وكان أمر تدمير التكية وقصفها بإيعازٍ من "زاهر الملك"، مما أدى هذا إلى إتلاف جميع أعمال الزخرفة بالتكية جنبًا إلى جنبٍ مع جدران المبنى بأكمله. أصاب ذلك القرار عائلة معاون الملك بالغضب وقرروا الانتقام، لكن حدث وأن تدخلت بعض العائلات ونجحت في إتمام مصالحةٍ بين عائلتي "معاون الملك" و"زاهر الملك" أخيرًا ولم تتضرر التكية أكثر من ذلك.

أقسام تكية معاون الملك

تتألف التكية من ثلاثة قطاعات؛ «حسينية» و «عباسية» و «زينبية» ، وفي العصر الحالي تم إضافة متحف "الأعراق البشرية" في كرمانشاه ومتحف الملابس والمجوهرات في قسم العباسية إلى الأجزاء السابقة.

من أجل الوصول إلى حسينية، يجب على المرء أن ينزل 17 درجًا لأن هذا الهيكل قد وضع على عمق ستة أمتار تحت مستوى الشارع. في البداية، تجد هناك غرفة تسمى "صاغة خانة" حيث تجد بعض الصور الجدارية مرسومة على البلاط. اتبع بناء التكية نفس نمط بناء الحسينيات التقليدي في إيران، توجد في حسينية تكية معاون الملك ساحةٌ صغيرةٌ محاطةٌ بعدة غرفٍ ومزينةٍ بأروقةٍ مصمتةٍ.

أما مبنى العباسية فيوجد به ساحة ومبنى من طابقين في الجانب الشرقي، وتم تزيين جدرانه ببلاط "كويردا سيكا" الفاخر الذي عُرضت عليه بعض مشاهد دخول يوسف عليه السلام إلى مدينة كنعان. كما تظهر رسوم توضيحية لرجال دولة قاجار على هذه البلاط.

أما الزينبية، فتعتبر مكان قبر معاون الملك الذي توفي عام 1327 هـ، و تم تزيين ضريحه بالمرايا عام 1374 هـ. من قبل الحاج محمد شكوحي الأصفهاني.

المظاهر الجمالية في تكية معاون الملك

البلاط في تكية معاون الملك حقًّا فريدٌ من نوعه، وفي الواقع، يميز السياح هذه التكية من خلال بلاطها الفني الذي تمت صناعته بتقنيات مختلفة وبألوانٍ طبيعيةٍ، كما يتضمن بلاط تكية معاون الملك مشاهد المعارك الإسلامية المبكرة وقصة كربلاء بجوار الرسوم التوضيحية لملوك الفرس وبعض رموز لعاصمة الامبراطورية الأخمينية القديمة "برسبوليس".

تعتبر التكية موقعًا للتراث الوطني الذي يتميز بالهندسة المعمارية الجذابة والمتناسقة، كما أن جميع جدران الغرف في التكية مزيّنةٌ بالبلاط الرائع. كما أن التصميمات الداخلية للأقواس مغطاةٌ ببلاطٍ كبيرٍ يلفت الأنظار.