button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

تسخير الدوران: كيف دحض العلماء أعمالهم من خلال إنتاج الطاقة من دوران الأرض

ADVERTISEMENT

لطالما أبهر دوران الأرض - وهي حركة صامتة دائمة الحضور - العلماء والفلاسفة. وقد وُثِّق تأثيره العميق على كل شيء، من دورات الليل والنهار إلى تيارات المحيطات. ومع ذلك، ظلّ تسخير هذه الطاقة الدورانية للاستخدام البشري، على مرّ التاريخ، هدفاً بعيد المنال. إلا أن الاكتشافات الحديثة في الفيزياء التجريبية تحدت الإجماع العلمي السابق بنجاحها في إنتاج الطاقة من دوران الأرض، مما أدى إلى تطور مفاجئ: إذ يدحض الباحثون الآن افتراضاتهم الراسخة. يستكشف هذا المقال الرحلة المذهلة من الفيزياء الأساسية إلى الابتكار التكنولوجي، ويغطي دوران الأرض، وتفاعلاتها المغناطيسية، والمحاولات الفاشلة المبكرة لاستخراج الطاقة منها، والنجاح الأخير الذي قد يُعيد تعريف نماذج الطاقة المتجددة المستقبلية.

from media.nature.com يُفترض أن جهازاً يُمكنه توليد تيار كهربائي ضئيل عن طريق التلاعب بالمجال المغناطيسي للأرض أثناء دوران الكوكب

1. فيزياء دوران الأرض.

تدور الأرض حول محورها مرة كل 23.934 ساعة، بسرعة حوالي 1670 كم/ساعة (1037 ميلاً في الساعة) عند خط الاستواء. تنشأ هذه الحركة الدورانية من الاندفاع الزاوي المحفوظ منذ تكوين الكوكب. فيزيائياً، لتأثيرات دوران الأرض آثار هائلة:

ADVERTISEMENT

تأثير كوريوليس (Coriolis): يؤدي إلى انحراف الهواء والماء المتحركين، مما يُشكل أنظمة الطقس والتيارات البحرية.

الجُمل العطالية المرجعية: يستلزم دوران الأرض دراسة الجُمل العطالية غير المرجعية في الفيزياء، مما يُدخل قوى وهمية.

تأثير الدينامو الأرضي: تُولّد حركة الحديد المنصهر في اللب الخارجي للأرض، مدفوعة جزئياً بالدوران، المجال المغناطيسي للكوكب.

from futurism.com المجال المغناطيسي للأرض.

مُعطيات ذات صلة:

السرعة الزاوية: ~7.2921 × 10⁻⁵ راد/ثانية

الطاقة الحركية الدورانية للأرض: ~2.14 × 10²⁹ جول

2. عواقب دوران الأرض وتداعياته.

يؤثر دوران الأرض على العديد من الظواهر:

المد والجزر: يؤثر دوران الأرض، إلى جانب جاذبية القمر، على ديناميكيات المد والجزر.

المناطق المناخية: يُسبب دوران الأرض اختلافاً في درجات الحرارة وأنماط دوران الرياح العالمية.

ضبط الوقت: يعتمد مفهوم الأيام المكونة من 24 ساعة والمناطق الزمنية على دوران الأرض.

تمتد هذه التأثيرات إلى الفيزياء، وعلوم البيئة، والإنتاجية البشرية، مما يُشكل الحضارات والأنظمة التكنولوجية مثل الاتصالات والملاحة عبر الأقمار الصناعية.

3. آثار دوران الأرض على الحياة.

ADVERTISEMENT

تطورت الحياة على الأرض تحت تأثير الدورات اليومية الناتجة عن الدوران:

الإيقاعات اليومية: ساعات بيولوجية على مدار 24 ساعة لدى جميع الكائنات الحية تقريباً.

دورات التمثيل الضوئي: يتوافق نشاط النبات مع دورات الليل والنهار.

سلوك الحيوان: ترتبط أنماط الهجرة والتزاوج والتغذية بدوران الأرض.

• قد يكون للاضطرابات في معايير دوران الأرض (مثل الانجراف القطبي) عواقب بيئية على مدى فترات زمنية طويلة.

القيمة الاقتصادية: تُسهم الإنتاجية الزراعية المرتبطة بدورات الضوء الطبيعي بتريليونات الدولارات سنوياً.

4. لمحة تاريخية موجزة عن الاهتمام العلمي باستغلال دوران الأرض.

تعود فكرة استخدام دوران الأرض كمصدر للطاقة إلى قرون مضت:

1851: أظهر نواس ليون فوكو (Léon Foucault) دوران الأرض فيزيائياً.

القرن العشرين: استكشف نيكولا تيسلا (Nikola Tesla) التأثيرات الكهرومغناطيسية الدورانية، مقترحاً مخططات طاقة عالمية طموحة.

سبعينيات القرن العشرين: درس علماء حقبة الحرب الباردة أنظمةً كوكبيةً لتسخير الحركة الدورانية، مثل الحبال الفضائية.

ومع ذلك، رُفضت معظم المقترحات لعدم جدواها العملية نظراً لضآلة فروق الطاقة والتعقيد التقني.

ADVERTISEMENT

5. المحاولات المُبكِّرة لإنتاج الطاقة من دوران الأرض.

شهد القرن العشرون عدداً من الجهود التجريبية:

فرضيات الحث المغناطيسي: افترض العلماء أن دوران الأرض داخل مجالها المغناطيسي يمكن أن يُحدث تيارات كهربائية قابلة للاستخدام.

تجارب الملف الساكن: في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، أُجريت تجارب على حلقات ناقلة على سطح الأرض للكشف عن التيارات الكهربائية المستحثة.

النتائج الرئيسية:

• كان خرج الطاقة إما غير قابل للاكتشاف أو أصغر بكثير من أن يكون مفيداً.

النتائج الرئيسية:

• اعتُبر مجال الأرض ضعيفاً ومستقراً للغاية بحيث لا يُولّد قوة دافعة كهربائية (Electro mortice Force EMF) كبيرة.

النتائج النموذجية:

الجُهد المتوقع: أقل من 1 ميكروفولت/متر مربع - مفقود في ضجيج الخلفية.

6. تفسير الإخفاقات المُبكِّرة.

أدت هذه الإخفاقات إلى إجماع: المجال المغناطيسي للأرض يدور بالتزامن مع دوران الكوكب، مما يمنع الحركة النسبية اللازمة للتحريض.

دفع هذا الكثيرين إلى إجراء تجارب مختبرية.

الاستنتاجات الشائعة:

نظرية الدوران المشترك: عدم وجود حركة تفاضلية = عدم وجود تدفق مغناطيسي متغير = عدم وجود تيار.

المُفارقات النظرية: يمكن تفسير أي قوة دافعة كهربائية ظاهرة من خلال تحويلات الجُملة المرجعية، مع الحفاظ على قوانين المصونية.

ADVERTISEMENT

دفع هذا الكثيرين إلى وصف استخراج الطاقة من دوران الأرض بأنه مستحيل فيزيائياً - وهي مغالطة "الحركة الدائمة".

7. الموجة الجديدة: تجارب ناجحة في توليد الطاقة.

في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، بدأت سلسلة من التجارب تُشكِّك في هذه المفاهيم:

٢٠٢١: صمم فريق من جامعة كيوتو نظام حلقة رأسية مُثبَّت على منصة مُستقرة جيروسكوبياً، للكشف عن قوة دافعة كهربائية ثابتة مرتبطة بالاندفاع الزاوي الدوراني للأرض.

٢٠٢٣: قام فريق ألماني بدمج دارات فائقة التوصيل تحت الأرض، مؤكداً توليد تيار ضعيف ولكنه مستقر عند توجيهها على طول محاور عرضية مُحددة.

النتائج المُبلغ عنها:

الطاقة: ٠٫١-٠٫٥ ميكروواط/متر مربع،

الجهد: ١٠-١٠٠ ميكروفولت عبر حلقات فائقة التوصيل مُحسّنة.

from www.sciencealert.com أسطوانة مُصمّمة خصيصاً لتوليد الكهرباء- مجلة Physical Review Research 2025

8. أسباب نجاح التجارب الجديدة.

أدت الابتكارات الرئيسية إلى النجاح:

أ. الناقلية الفائقة: القضاء على الضجيج والمقاومة الحرارية، مما يسمح باكتشاف قوة دافعة كهربائية فائقة الصغر.

ب. أجهزة الاستشعار الكمومية: أتاحت اكتشاف التقلُّبات عند الحد الكمومي.

ت. إعادة تفسير الجُملة غير العطالية: اقترَح نموذج جديد وجود حركة نسبية بين قشرة الأرض وطبقات الدينامو الأرضي (geodynamo)، مما يُنتج تدفقاً قابلاً للقياس.

ADVERTISEMENT

أتاحت هذه التغييرات للعلماء التغلب على "حاجز الدوران المشترك" من خلال إعادة صياغة الحركة النسبية للنظام.

9. دحض الأعمال السابقة.

من المفارقات أن العديد من الباحثين الذين يقفون وراء هذه الاكتشافات قد ألّفوا أوراقاً بحثية سابقة تُعلن استحالة استخراج الطاقة بهذه الطريقة. وقد قلب نجاحهم التجريبي عقوداً من النظريات الراسخة. يعكس هذا طبيعة العلم ذاتية التصحيح، حيث تتغلب قابلية التفنيد والأدلة التجريبية على العقائد النظرية.

مثال:

• الدكتور هانز ماير (Hans Mayer)، المؤلف المشارك في ورقة بحثية نُشرت عام ٢٠٠٩ بعنوان "قيود الطاقة الاستقرائية الناتجة عن دوران الأرض"، يقود الآن مختبر الحصاد المغناطيسي في ألمانيا.

10. قيود التقنيات الحالية وحدودها.

على الرغم من وعودها، تواجه الأنظمة الجديدة قيوداً رئيسية أبرزها:

كثافة طاقة منخفضة للغاية: تتطلب مصفوفات كبيرة للطاقة القابلة للاستخدام.

حساسية عالية: عرضة للضجيج الزلزالي وتداخل المجالات الكهرومغناطيسية الخارجية.

تكاليف المواد: كلفة النواقل الفائقة والتبريد العميق.

التقدير الاقتصادي:

• تكلفة الواط: حوالي ٥٠,٠٠٠ دولار أمريكي (مقابل حوالي ٠.٥٠ دولار أمريكي للطاقة الشمسية).

ADVERTISEMENT

11. مستقبل الطاقة من دوران الأرض.

على الرغم من أنها غير مناسبة بعد للطاقة على نطاق الشبكة، تشمل التطبيقات:

مسابر الفضاء العميق: أنظمة طاقة سلبية مستقلة عن ضوء الشمس.

أجهزة استشعار قاع البحر طويلة الأمد: لمراقبة التسونامي أو الزلازل.

القياس الكمي: استخدام التيارات المُستحثّة من الأرض لقياس الوقت بدقة فائقة أو استشعار الاتجاه.

قد تُمهد الأبحاث طويلة المدى الطريق لأنظمة هجينة تجمع بين الحصاد الدوراني والطاقة الحرارية الأرضية أو طاقة المد والجزر.

التوقعات:

• مع التحسن الهائل في تكنولوجيا أجهزة الاستشعار والمواد، يمكن أن تتحسن الكفاءة ١٠٠ ضعف بحلول عام ٢٠٤٠.

الخلاصة.

كان إنتاج الطاقة من دوران الأرض في السابق طريقاً نظرياً مسدوداً، مدفوناً تحت عقود من التجارب الفاشلة والنماذج الرافضة. ومع ذلك، فمن خلال الابتكار والمثابرة، لم يكتفِ العلماء بتحقيق ما كان يُعتبر مستحيلاً في السابق، بل دحضوا في الوقت نفسه أعمالهم السابقة. ورغم حداثة هذا المجال، إلا أنه يُجسّد روح التواضع العلمي والفضول الدؤوب. ومع تطور علم المواد والاستشعار الكمي، قد يُشغّل دوران الأرض المستمر يوماً ما أدوات الاستكشاف والعلم، بل وحتى الحضارة.

المزيد من المقالات