ماذا يحدث للخلايا السرطانية عندما تموت؟

الخلايا السرطانية هي خلايا تنقسم باستمرار، وتشكل أورامًا صلبة أو تغمر الدم أو اللمف بخلايا غير طبيعية. إن انقسام الخلايا هو عملية طبيعية يستخدمها الجسم للنمو والإصلاح. تنقسم الخلية الأم لتشكل خليتين ابنتين، وتستخدم هذه الخلايا الابنة لبناء أنسجة جديدة أو لتحل محل الخلايا التي ماتت بسبب الشيخوخة أو التلف. تتوقف الخلايا السليمة عن الانقسام عندما لا تكون هناك حاجة لمزيد من الخلايا الوليدة، لكن الخلايا السرطانية تستمر في إنتاج نسخ منها. كما أنها قادرة على الانتشار من جزء من الجسم إلى آخر وتتكاثر هناك بغير ضابط لذلك ندعوها باسم الورم الخبيث.

تصنيف الخلايا السرطانية

هناك فئات مختلفة من الخلايا السرطانية، يتم تحديدها وفقًا لنوع الخلية التي تنشأ منها.

الكارسينوما: غالبية الخلايا السرطانية هي ظهارية في الأصل، وتبدأ في الأنسجة التي تبطن الأسطح الداخلية أو الخارجية للجسم.

سرطان الدم ( اللوكيميا): ينشأ في الأنسجة المسؤولة عن إنتاج خلايا دم جديدة، والأكثر شيوعًا في نخاع العظام.

الليمفوما: وهي سرطان الغدد الليمفاوية والورم النقوي، المستمدة من خلايا الجهاز المناعي.

تتالساركوما: تنشأ في الأنسجة الضامة، بما في ذلك الدهون والعضلات والعظام.

سرطان الجهاز العصبي المركزي: مشتق من خلايا الدماغ والحبل الشوكي.                                                                   ورم الظهارة المتوسطة( الميزوتليوما): التي تنشأ في ورم الظهارة المتوسطة وهي بطانة تجاويف الجسم.

تهدف علاجات السرطان إلى قتل الخلايا السرطانية، ويكون جهاز المناعة مكلفًا بالتخلص من الجثث الخلوية الناتجة.

ماذا يحدث للخلايا السرطانية بعد قتلها بواسطة العلاج

تقتل علاجات السرطان، مثل العلاج الكيميائي، الخلايا السرطانية، غالبًا عن طريق دفعها إلى التدمير الذاتي، والذبول والموت بهدوء، أو بشكل أقل شيوعًا، عن طريق إثارة شكل أكثر تفجرًا من موت الخلايا.

ولكن ماذا يحدث للخلايا السرطانية بعد موتها؟ عادة، يتم إعادة تدوير الخلايا السرطانية المقتولة بنفس الطريقة التي يتم بها إعادة تدوير أي خلية ميتة أخرى في الجسم. عندما تنتهي الخلايا السرطانية، عادة ما تصبح أغشيتها الخارجية معرضة للخطر. يحدث هذا في الشكل "الهادئ" لموت الخلايا، والذي يسمى موت الخلايا المبرمج، وهي عملية مبرمجة تستخدم لإزالة الخلايا غير الضرورية أو التالفة من الجسم. فبمجرد تشغيل المفاتيح الجزيئية التي تؤدي إلى موت الخلايا المبرمج، تنكمش الخلية المحتضرة وتنفصل أجزاء من غشاءها على شكل "فقاعات". ويؤدي هذا إلى تسرب المكونات الداخلية للخلايا وجذب الخلايا البالعة، وهي خلايا مناعية مسؤولة عن التهام الحطام الخلوي.

تبتلع الخلايا البالعة المستدعاة الخلايا السرطانية الميتة ثم تقسمها إلى مكونات أصغر، مثل السكريات والأحماض النووية، وهي الجزيئات الشبيهة بالسلسلة الموجودة في الحمض النووي. ومن خلال هذه العملية، يتم إعادة تدوير الخلايا السرطانية الميتة إلى مكونات يمكن إعادة استخدامها لاحقًا بواسطة خلايا أخرى.

في حالة موت الخلايا المبرمج - وهو نوع علاجات سرطان موت الخلايا التي تم تصميمها تقليديًا للحث على إعادة تدوير أجزاء من الخلايا السرطانية وهو مايحدث عمومًا بهذه الطريقة بدلاً من إفرازها عن طريق الجسم، في البول، على سبيل المثال. يمكن أن تؤدي علاجات السرطان في بعض الأحيان أيضًا إلى أنواع أخرى من موت الخلايا، مثل نخر الخلايا، وهو الشكل "الانفجاري" لموت الخلايا حيث تنتفخ الخلايا السرطانية وتنفجر بدلاً من الانكماش. كما تلتهم الخلايا البلعمية بكفاءة هذا النوع من الخلايا الميتة ومع ذلك، فإن الخلايا السرطانية المحتضرة لا تمر دائمًا بهدوء. إذ تشير الدراسات إلى أنه من خلال إطلاق العديد من الحطام الذي يثير التفاعل الالتهابي ، يمكن للخلايا أحيانًا تعزيز نمو الخلايا السرطانية الباقية في مكان قريب. قد تساعد هذه الظاهرة، المعروفة باسم تأثير Révész، في تفسير كيفية عودة بعض أنواع السرطان بعد العلاج. وقد لوحظ لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي في الفئران المصابة بالأورام.

الدراسات والأبحاث

في الآونة الأخيرة، وجدت دراسة أجريت عام 2018 على الفئران والخلايا في أطباق المختبر أن الإشعاع والعلاج الكيميائي يمكن أن يؤديا إلى إطلاق السيتوكينات المسببة للالتهابات، وهي جزيئات تطلقها الخلايا المناعية التي تؤدي إلى التفاعل الالتهابي ويمكن أن تدعم في بعض الأحيان نمو الورم. تلتهم الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا البلعمية الخلايا السرطانية المحتضرة ثم تعيد تدويرها. قال الدكتور ديباك بانيغراهي، مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ مساعد في علم الأمراض في مركز بيث ديكونيس الطبي في بوسطن، لموقع Live Science،( العلم الحي ) إن البلاعم، وهي نوع من الخلايا البلعمية، تطلق هذه الجزيئات في محاولة لمحاربة السرطان.

وجدت دراسة في الفئران أجرتها مجموعة مختلفة عام 2023 أن مراكز التحكم، أو نوى الخلايا السرطانية المحتضرة يمكن أن تنتفخ وتنفجر في بعض الأحيان، وبالتالي تقذف الحمض النووي والجزيئات الأخرى إلى محيطها. و يمكن لهذه الجزيئات المنسكبة أن تسرع انتشار الورم الخبيث، مما يعني انتشار الخلايا السرطانية إلى ما هو أبعد من ورمها الأصلي. تساعد هذه الدراسات في تسليط الضوء على كيفية مساهمة موت الخلايا السرطانية في تطور السرطان وانتكاسه. ومع ذلك، لا يزال البحث في مراحله المبكرة نسبيًا، ولم يفهم العلماء بعد الآثار الكاملة لهذا الارتباط. ومع المزيد من الأبحاث، يهدف الباحثون إلى فهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء السرطان بشكل أفضل وبالتالي تطوير علاجات أكثر فعالية للمرض. على سبيل المثال، سلطت دراسة أجريت عام 2018 الضوء على طريقة لمواجهة نمو الورم الناتج عن حطام الخلايا السرطانية الميتة: وهي الجزيئات المشتقة من أوميغا 3 والتي يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب وتأثيرات السيتوكينات مع تحفيز إزالة حطام الخلايا. "وقال بانيغراهي: "المشكلة الرئيسية في السرطان هي أنه لا توجد علاجات تحفز حل التفاعلات الالتهابية وتقلل من تنظيم السيتوكينات وإزالة الحطام". وتشير دراستهم إلى أن الريسولفينات يمكن أن تكون إحدى الطرق لمعالجة هذه المشاكل. ومع ذلك، لا يزال العلماء بقيد التوصل إلى حل دقيق لهذه المشكلة : كيف وما إذا كانت هذه الجزيئات قد تساعد في مكافحة السرطان. من ناحية أخرى، حددت دراسة Nature لعام 2023 كيف تتعرف الخلايا السرطانية الحية على الإشارات التي ترسلها الخلايا المحتضرة وتستجيب لها. وتشير الدراسة إلى أن حجب رسائل الخلايا الميتة يمكن أن يساعد في منع السرطان من الظهور مرة أخرى بعد العلاج هناك حاجة إلى مزيد من العمل لمعرفة ذلك على وجه اليقين