ثورة ال AI: تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل

تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل غيَّر خارطة الوظائف حول العالم، حيث بدأت جميع الشركات والمؤسسات في الانتقال إلى حقبة جديدة من توظيف العاملين. مع بداية انطلاق منصات الذكاء الصناعي مثل CHATGPT وCopilot حدث زلزال في سوق العمل حول العالم، حيث تغيرت ميكانيكية البحث المعتادة على محركات البحث مثل Google.

فمثلًا في السابق كان البحث في Google عن كلمة معينة يُظهر لك العديد مواقع تعرض مقالات لها علاقة بالكلمة التي تبحث عنها، أما أدوات بحث الذكاء الصناعي تظهر إجابة صريحة ومباشرة مأخوذة من ملايين نتائج البحث الموجودة على الإنترنت، لتقدم لك إجابة مباشرة ومختصرة، لذلك في هذا المقال سنتعرف سويًا على مدى التأثير الذي تأثر به سوق العمل في مختلف المجالات بسبب ثورة الAI.

هل يتم استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي؟

سنجيب على هذا التساؤل بصورة مباشرة وبدون إجابات دبلوماسية. تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل في الوقت الحالي أصبح أساسي في بناء مؤسسة ربحية، سواء شركة أو عمل حر، وذلك لعدة أسباب أهمها:

تجنب الوقت الطويل للإنجاز

أدوات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي وفرت ساعات من العمل. فهناك أدوات قادرة على إنشاء صورة أو مقطع فيديو دعائي في لحظات، بعدما كان مصمم الجرافيك يأخذ ساعات من العمل لإيجاد فكرة وتصميمها والتعديل عليها، الآن بأدوات الذكاء الاصطناعي أصبح أي شخص قادر على كتابة وصف للصورة المطلوبة لتخرج له مئات النتائج والصور ويمكنه أن يختار منها بسهولة.

تجنب تكرار الأعمال الروتينية

بفضل الذكاء الصناعي حاليًا أصبح لا حاجة لموظف يعمل على تكرار مهمة معينة، فمثلًا كانت هناك وظائف في مجال التسويق لأشخاص يقومون بنشر المنشورات التسويقية في مواقع التواصل الاجتماعي بصورة يومية، الآن وبفضل الذكاء الاصطناعي أصبحت هذه الوظيفة من الماضي حيث ظهرت ادوات ومواقع متخصصة في ترتيب وتنظيم المنشورات بصورة يومية وتقوم بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي في الوقت المحدد لها مسبقًا دون اللجوء لموظف مُختص.

الحصول على أفضل النتائج

تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل كان للأفضل في الفترات الماضية. وحسب تقرير منظمة العمل الدولية التي أصدرته الأمم المتحدة، فإن الذكاء الصناعي لن يستبدل الإنسان بصورة كاملة ولكنه سيساهم بصورة أساسية في تحسين أداء أسواق العمل عن طريق الوصول لأفضل نتائج ممكنة فيما يخص عمليات البحث والابتكار، فمثلًا تحليل البيانات حاليًا أصبح من أهم مؤشرات الأداء لأي شركة، بالطبع إذا قارنا عملية تحليل البيانات عن طريق القوة البشرية فهي بطيئة، في حين أن الذكاء الصناعي قادر على عمل تحليل بيانات فوري ودقيق لأي بيانات موجودة على شبكة الإنترنت.

عصر جديد بين البشر والذكاء الصناعي

ليس معنى أن يكون تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل إيجابي أن يختفي دور البشر بصورة نهائية، بل على العكس تمامًا، أصدرت شركة McKinsey دراسة تشير أن الذكاء الصناعي يساعد البشر في تطوير سوق العمل، بل يساعدهم بصورة أكبر في تطوير أنفسهم بشكل شخصي، فمثلًا بدل من أن تقوم بالدفع لشخص أو تطبيق ليقوم بتعليمك لغة أخرى، فالآن عن طريق الذكاء الصناعي يمكنك التحدث مباشرة باللغة التي تريد تعملها، وهو يقوم بالرد عليك بنفس اللغة، ويقوم بتصحيح الأخطاء كل هذا مجانًا، وإليكم أهم المجالات التي يمكنها يستفيد بها البشر من خلال الذكاء الصناعي:

بيع خدمات الذكاء الصناعي

في السنوات السابقة كانت التجارة الإلكترونية هي أكثر سوق ربحي على مستوى العالم، خصوصًا بعد حدوث جائحة Covid19، الذي جعل العالم كله يعتمد على التجارة الإلكترونية، ولكن الآن وفي ظل وجود الذكاء الصناعي ظهر نوع جديد من المشاريع، وهو بيع خدمات الذكاء الصناعي، حيث يقوم شخص بعمل موقع معين يقوم بحل مشكلة معينة عن طريق استخدام الذكاء الصناعي وخوارزمياته، ثم يقوم ببيع هذه الخدمة للآخرين، ويعتبر هذا المجال من أكثر المجالات المتوقع لها الربح والنمو في السنوات القادمة.

زيادة الطلب على العمالة المتخصصة

نظرًا لأن تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل تأثير كبير وجذري، فحدث تغيير كبير في خريطة الوظائف المطلوبة في الشركات والمؤسسات، حيث تقرر معظم الشركات استقطاب الموظفين المتخصصين في مجال واحد متخصص وفعال، ومع إمكانية هذا الشخص وقدرته على التعامل مع جميع أداوت الذكاء الصناعي القادرة أن تسهل له عمله، وذلك التغيير حدث، بسبب قدرة الذكاء الصناعي في اتمام معظم المهام المتكررة فأصبح الموظف المتخصص عبى منصات العمل الحر لابد له أن يقدم خدمة الذكاء الصناعي نفسه غير قادر على تقديمها بشكل فعل ومثمر.

خلق وظائف عمل جديدة

بفضل الذكاء الصناعي ظهر جيل جديد من الوظائف المطلوبة في سوق العمل، وذلك لأن الذكاء الصناعي لازال في البداية ليس إلا، ومهما كانت التكنولوجيا وخوارزميات الذكاء الصناعية ذكية وقادرة على الإنجاز، إلا أنها لازالت تحتاج إلى إدخال بيانات ووصف صريح وواضح حتى يخرج لك النتيجة التي تريدها، ومن هنا ظهرت وظائف متخصصة، في مجال القدرة على البحث عن طريق الذكاء الصناعي، وكيفية استخدام الذكاء الصناعي وأدواته، ولذلك في السنوات القادمة كلما كان الشخص قادر على ترويض واستخدام الذكاء الصناعي بصورة أقوى كلما كانت فرصته أكبر في الحصول على وظيفة أفضل.

ببشكل سلبي

أي شيء في العالم ما يكون له إيجابيات يكون له الوجه السلبي الأخر، وهذا الكلام ينطبق بالطبع على الذكاء الصناعي، فهناك العديد من المشاكل التي تواجه العالم في الوقت الحالي، بل وهناك تحوط شديد جراء إطلاق الذكاء الصناعي في متناول جميع الناس، حيث يستطيع أي شخص أن قوم حاليًا بتزييف صوت أو صورة او مقطع فيديو كامل لشخص اخر عن طريق الذكاء الصناعي، وبالطبع هذا أثر على الثقافة العامة للبشر، حيث لم يعد البشر يصدقون أي شيء من أول وهلة، لأنهم يعلمون إمكانية التزييف التي يمتلكها الذكاء الصناعي، وإليكم في النقاط التالية أهم سلبيات الذكاء الصناعي على سوق العمل:

المُنافسة الشرسة بين الشركات والمؤسسات

توافر أدوات الذكاء الصناعي بالسهولة الموجودة حاليًا، وإمكانية الوصول السهلة من أي شخص لهذه الأدوات، جعل مستوى المنافسة أعلى بكثير من ذي قبل. فالآن جميع شركات التسويق تستخدم أدوات الذكاء الصناعي في تحليل المنافسين، وفي نفس الوقت مصممي الجرافيك أصبحوا قادرين على استلهام وصناعة العديد من التصميمات الجديدة والمبنية على احتياجات العملاء، وحتى المبرمجين أصبح من السهل جدًا عليهم الحصول على حل فوري لأي مشكلة برمجية في ثواني معدودة، وذلك جعل مستوى المنافسة عالي جدًا لأي شركة أو عامل حر أو مبرمج، وأصبح التميز عملة نادرة.

إمكانية تزيف الصوت والصورة

التطور التي وصلت له خوارزميات الذكاء الصناعي أصبح مخيف، الآن هناك أدوات متاحة لأي شخص يمكنها أن تزيف الأصوات بدقة 100%، عن طريق خطوات بسيطة، مثل أن تقوم بتحميل مقطع صوتي على هذه الادوات، وتقوم هذه الادوات بتحليل الصوت ومن ثم تقوم بإدخال نص مكتوب، ثم تعمل هذه الأداة على صنع محاكاة صوتية بنفس نبرة الصوت المدخل من قبل. ليس ذلك فقط بل هناك أيضصا أدوات مثلها تقوم بأخذ ملامح الوجه وصناعة مقاطع فيديو بوجه شخص أخر، بالطبع هذه الأدوات قد تكون مربحة إذا تم استخدامها بإذن أصحابها، ولكن تخيل معي أن الآن أي شخص قادر أن يصنع لك فيديو بصوتك تفعل شيء خاطئ وأنت تجلس في بيتك، بالطبع الموضوع مقلق.

انقراض بعض الوظائف

بالنسبة للشركات والمؤسسات الرأس مالية تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل جيد جدًا، لأنه وفر لهم رواتب شهرية، وتأمينات طبية واجتماعية لهؤلاء الموظفين، ولكن من ناحية أخرى، هناك الكثير من الموظفين الذين تم تسريحهم بصورة مباشرة، بسبب ادوات الذكاء الصناعي، وحتى أرباب العمل لم يقدموا لهؤلاء الموظفين مهمة بديلة، أو مسار تطوير معين يسمح لهم بالتطور والمعرفة، بل تم طردهم بصورة مباشرة، وزاد الاعتماد على العمالة المتخصصة، عن طريق مواقع العمل الحر، وهذا يعتبر تغيير جذري في خريطة الوظائف العالمية حاليًا، حيث لم تعد الوظيفة الروتينية شيء جيد حاليًا، بل على الموظف أن يتعلم باستمرار ويتطور حتى يواكب المنافسين.

ختام

في الأخير يعتبر تأثير الذكاء الصناعي على سوق العمل تأثير مباشر وقوي في الفترة الحالية، وسوف تتغير خريطة العمل في العالم أجمع بسبب التطور الرهيب في أدوات الذكاء الصناعي، حيث تبحث الشركات حاليًا عن البحث عن المشاكل التي يوجهها المجتمعات ومن ثم يصنعون لهذه المشاكل حلول بديلة عن طريق الذكاء الصناعي.