ربما كان الكون المبكر يحتوي على بطاريات عملاقة من الغبار

تنتشر الحقول المغناطيسية في الكون، وغالبًا ما تتولد عبر آلية تُسمى الدينامو، وهي عملية فيزيائية تُطوِّع الحقل عبر طيه وانحنائه. تؤدي الآلية دورًا في تكوين حقول الكواكب والنجوم، مثل الحقل الأرضي الناتج عن دينامو في نواة الأرض.

أظهرت دراسة فلكية جديدة أن الحقول المغناطيسية الأولى ربما نشأت من تأثير إشعاع النجوم الأولى في الكون المبكر. حرّك الإشعاع حبيبات غبار مشحونة، فولّد تيارات كهربائية خفيفة أنتجت حقولاً امتدت آلاف السنين الضوئية، رغم ضعفها. وفرت الحقول البيئة التي انطلقت منها آلية الدينامو لتكبيرها.

تستند آلية الدينامو إلى وجود مادة توصل الكهرباء، مثل البلازما في النجوم أو المعادن المنصهرة في نوى الكواكب. يحدث حمل حراري ودوران، فتنشأ تيارات كهربائية تُنتج حقولاً مغناطيسية. ينظم دوران الجرم السماوي هذه الحقول، خاصة عبر قوة كوريوليس.

تُعد آلية الدينامو ضرورية للحماية المغناطيسية، والحفاظ على الغلاف الجوي، واستمرار الظروف الملائمة لتطور الحياة. تؤثر أيضًا في تكوين النجوم، إذ تنظم الزخم الزاوي للمادة المتجمعة وتوجّه تدفق الغاز والغبار نحو النجم الأولي، فتسهم في تشكيل قرص التراكم والنفاثات التي تطرد الزخم الزائد. تكبر الحقول الضعيفة في النجوم قيد التكوّن، فتغيّر ديناميكيات بيئة النجم.

في تكوّن الكواكب، تؤثر الحقول المغناطيسية المدعومة بالدينامو على أقراص الغاز والغبار الكوكبية، خاصة في الكواكب ذات النوى المعدنية المنصهرة. تخلط الحقول المواد وتُركّز الجسيمات الدقيقة، ما يعزز تشكل الكواكب الصخرية والغازية معًا.

تبدو الحقول في بداية الكون مثل بطارية ضخمة أوجدت مجالات مغناطيسية مستمرة، ويدعو الباحثون إلى متابعة دراستها عبر محاكاة تطور الكون ومقارنتها بالملاحظات الفلكية الحالية.