البحث عن معبد أرتميس المفقود: رحلة عبر الزمن والأسرار

ADVERTISEMENT

كان معبد أرتميس في مدينة أفسس القديمة، قرب سلجوق بتركيا اليوم، من أبرز معالم العالم القديم، وهو واحد من عجائب الدنيا السبع. بُني في أرض منخفضة قرب نهر كوتشوكمنديرس، فأصبح نقطة جذب للحجاج والتجار، وساعد على ازدهار المدينة ثقافياً ودينياً واقتصادياً.

يعود المعبد إلى القرن الثامن قبل الميلاد، لكن النسخة الأشهر اكتملت عام 550 ق.م بتمويل من الملك الليدي كرويسوس، وصممه المعماري تشيرسيفرون وابنه ميتاجينس. خُصص لعبادة الإلهة اليونانية أرتميس، رمز الصيد والخصوبة والطبيعة. دمره حريق، زلازل، وغارات، أشهرها حريق أضرمه هيروستراتوس عام 356 ق.م، وأعيد بناؤه لاحقاً.

ADVERTISEMENT

اتسم بناء المعبد بالطراز الأيوني، وبلغ طوله 115 متراً وعرضه 46 متراً، وضم 127 عموداً يبلغ ارتفاع الواحد 18.3 متراً. زُينت الأعمدة بنقوش دقيقة ومشاهد من الأساطير، ما عزز مكانته كتحفة فنية وروحية تعكس عظمة عبادة أرتميس.

تجاوز دور المعبد الإطار الديني، فأصبح مركزاً اقتصادياً وثقافياً رئيسياً، يقدم خدمات مالية مثل حفظ الأموال وإقراضها. كما أصبح ملتقى للفنون والتجارة والحوار الحضاري، فمثل البُعد الرمزي والسياسي لقوة أفسس.

مع مرور الزمن، نُهبت أجزاء من المعبد ودُمرت، خاصة خلال غزو القوط عام 268 م. ومع انتشار المسيحية، تراجع الاهتمام بالمكان، فهُجر وهُدمت أجزاؤه لاستخدام حجارته في مشاريع أخرى، فدُفن تدريجياً وغُيِب عن الذاكرة.

ADVERTISEMENT

بدأ البحث عن المعبد في القرن 19 بقيادة عالم الآثار جون تيرتل وود، الذي وجد أساساته عام 1869. ولا تزال عمليات الحفر مستمرة باستخدام وسائل حديثة، بهدف استعادة ماضيه.

اليوم، لم يبقَ من المعبد سوى عمود أعيد بناؤه وبضع حجارة، والموقع أصبح موقعاً أثرياً وسياحياً رئيسياً في تركيا. تجذب أطلال معبد أرتميس الزوار والباحثين، وتعرض متاحف المنطقة مقتنياته، فتحافظ على إرثه الثقافي في الذاكرة العامة.

toTop