العلماء الخمسة الذين فازوا بجائزتَي نوبل اثنتَين – وما الذي يميزهم؟

هل هناك ما يميّز من حصل على جائزة نوبل مرتَين عن غيره ممّن حصل عليها مرّة واحدة؟ دعونا نستكشف منْ حصل عليها مرّتَين.

قائمة العلماء الخمسة

a) ماري كوري - الفيزياء (1903) والكيمياء (1911)

في صورة لمؤتمر سولفاي الأول للفيزياء والكيمياء في عام 1911، تبرز شخصية واحدة بين عمالقة الفيزياء الحاضرين: المرأة الوحيدة. ماري كوري هي الأكثر شهرة بين هؤلاء العلماء الخمسة ولسبب وجيه.

العالَم اليوم، وكذلك العلم بشكل عام، مختلفٌ عمّا كان قديمًأ بفضلها إل حدّ كبير. فازت بجائزتها الأولى عن عملها في مجال النشاط الإشعاعي (الفيزياء)، ثم الثانية بعد ثماني سنوات فقط لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم (الكيمياء). ومن بين الحائزين على الجائزة، كانت أول امرأة، وأول فائزة مرتين، والأولى (والوحيدة) في مجالين علميين مختلفين.

تمّ تقاسم الجائزة الأولى كفائزة مشتركة مع زوجها ومع هنري بيكريل. عائلة كوري هي عائلة من خمسة فائزين بجوائز نوبل، وأنتج المعهد الذي أنشأته أربعة آخرين.

إن إنجازات كوري أكثر إثارة للإعجاب نظرًا لأنها اضطرت إلى النضال للحصول على قدر كبير من الفرص، بما في ذلك الحصول على مختبر عالمي المستوى وأن تصبح عضوًا في الأكاديمية الفرنسية.

b) فريد سانجر – الكيمياء مرتين (1958 و1980)

أيُّ عالمِ أحياء جزيئية لا بدّ وأن يعشق فريد سانجر – فهو أحد أبطال العلم. لقد مُنِح جائزتي نوبل لابتكاره عمليات التسلسل للبروتينات والحمض النووي.

الجائزة الأولى، عن العمل على بنية الأنسولين، فاز بها بمفرده. أما الجائزة الثانية فقد تقاسمها مع باحثين آخرين. وكانت مساهمة سانجر تتمثل في طريقته لتحديد بنية الحمض النووي، التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم.

لا يمكن المبالغة في أهمية الاختراقات التي حققها سانجر. فكل شيء من مشروع الجينوم البشري إلى تخصص علم الأحياء الجزيئي العملي ينبع من طرق التسلسل التي ابتكرها. وعلى النقيض من الصورة التي رسمتها ماري كوري، كان سانجر شخصية هادئة ومتواضعة. وهذا يشير إلى أن الحائزين على جائزة نوبل مرتين لا يناسبون جميعاً نفس القالب. كما ينبغي أن يحظى بتقدير أكبر بكثير مما هو عليه الآن.

c) لينوس بولينج – الكيمياء (1954) والسلام (1962)

بولينج هو الشخص الوحيد الذي حصل على جائزتين غير مشتركتَين، كما أنه فقط مع كوري فازا بجائزتين مختلفتين. فازت اكتشافاته في الرابطة الكيميائية بالجائزة الأولى، وساعد في تأسيس علم الأحياء الجزيئي كتخصص. ألهم عملُه آخرين في السباق من أجل بنية الحمض النووي.

كان رائدًا في الكيمياء الكمومية وقام بالتنبؤ الاستثنائي بوجود حلزونات ألفا وصفائح بيتا - الهياكل الثانوية للبروتينات. لولا الأخطاء الأساسية في التنبؤ ببنية الحمض النووي، لكان من الممكن أن يفوز بالجائزة الثالثة ولكن في النهاية ذهبت إلى علماء الأحياء الجزيئية فرانسيس كريك وجيمس واتسون وموريس ويلكنز. ساعدت أخطاؤه عن غير قصد العالمةَ روزاليند فرانكلين في العثور على ما كان مفقودًا. كانت فرانكلين البطل المجهول لاكتشاف الحمض النووي، وتمّ استبعادها من جائزة نوبل على الرغم من مساهمتها الحاسمة.

لم تكن جائزته الثانية واحدة من جوائز العلوم بل جائزة السلام. وقد حصل على هذه الجائزة لدفاعه الحماسي عن نزع السلاح النووي مع زوجته، كما وضع نفسه في دائرة الضوء ضد إجراء التجارب النووية على الأسلحة أينما أمكن ذلك. وقد حصل على كل جائزة كبرى في الكيمياء خلال حياته.

d) جون باردين – الفيزياء مرتين (1956 و1972)

كما هو الحال مع سانجر، لا يمكن التقليل من أهمية الإنجازات العملية التي حققها باردين.

لقد فاز بجائزتي الفيزياء بفضل اختراع الترانزستور – وهو جهاز يستخدم لتضخيم أو تبديل الإشارات الكهربائية والطاقة – وبفضل اكتشاف وتوصيل الناقليّة الفائقة، حيث تنقل الموادُّ الفائقةُ الناقليّة الكهرباءَ بمقاومةٍ قليلة أو معدومة.

وقد حصل على الجائزتين مناصفة، ولكنه كان أول من حصل على جائزتين في نفس المجال. إنه يستحق أن يكون اسمًا مألوفًا، حيث لمس عملُه كلَّ مجال من مجالات حياتنا وأثّر على العديد من التخصصات.

قد يتصور البعض أن الحائزين على جائزة نوبل مرتين يركزون بشكل كبير على حياتهم المهنية، ولكن باردين ساعد في مساهمة آخرين في الفوز بجائزة الفيزياء من خلال التعاون السخي مع علماء آخرين.

e) كارل باري شاربلس – الكيمياء مرتين (2001 و2022)

بطلٌ أكثر حداثة، شاربلس هو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة. تمّ تقاسم الجائزتَين لكنهما تقعان ضمن قائمة غير عادية من الجوائز التي تمّ تكريمه بها بما في ذلك ميدالية بريستلي وميدالية وولف.

كانت جائزته الأولى عن عمليةٍ تُسمّى التخليق التحفيزي غير المتماثل. كانت الثانية عن "كيمياء النقر"، حيث يمكن جعل الكتل البنائية الجزيئية تلتصق ببعضها البعض بسرعة وكفاءة لتكوين مركبات جديدة.

لم يكن "الملك" العلمي للكيمياء النقرية فحسب، بل كان أيضًا متمتّعًا بمهاراتِ تواصل جيدة  تفيد في تعريف العلم وراء العمليات التي سميت باسمه.

لقد غير شاربلس الحياة من حولنا دون أن نعرف ذلك من خلال تسهيل العمليات الكيميائية الصعبة. مثل الآخرين في هذه القائمة المختصرة، فإن شغفه بالموضوع وفضوله لا حدود لهما. في الواقع، في الثمانينيات من عمره، لا يزال في طليعة الباحثين وواحدًا من أكثر الأكاديميين احترامًا في العالم.

خاتمة

لا يوجد نموذج أولي للفائزين بجائزة نوبل مرتين. سيكون لكل شخص وجهة نظره الخاصة حول أعظم هؤلاء الخمسة. من الصعب الجدال ضد ماري كوري، التي كان عليها التغلب على عقبات ضخمة كعالِمة أنثى في بداية القرن العشرين، فكانت الأمور ضدها بشكل غير عادي، وقد مهدت الطريق لغيرها من الفائزين بجائزة نوبل. يجب أيضًا اعتبار سانجر من بين أعظم العلماء العمليين في التاريخ، لأننا ما زلنا نجني ثمار نجاحاته من خلال ثورة الجينوم الحديثة.