قصر البارون .. قصة عشق مصرية في القرن التاسع عشر

وقع المهندس إدوارد إمبان 20) سبتمبر( 1852 المليونير البلجيكي الرحال في غرام مصر ، وهو  مهندس ومؤسس مشروعات اقتصادية ومالية وصناعية ، وقد منحه ليوبولد الثاني ملك بلجيكا لقب بارون في عام 1907م تقديراً لمجهوداته في تمويل مستعمرات المملكة البلجيكية.

قرار بناء القصر

قرر إمبان تشييد قصر يجسد قصة عشقه لمصر بعد أن استقر بها حينما أتى من الهند في نهاية القرن التاسع عشر عقب افتتاح قناة السويس، واختار إعمار منطقة في صحراء القاهرة ( مصر الجديدة ) سماها هليوبوليس  ( مدينة الشمس ) وفي قلبها شيد  قصره الخاص على مساحة 12.5 ألف متر ، بتصميم معماري مزج بين العمارة الهندية والأوربية ، صممه المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل ، وقد استغرق بناءه مابين  عام  1906م إلى 1911 ، وافتتح بحضور السلطان حسين كامل .الذي طلب شراءه فاعتذر له وكلف مهندسيه ببناء قصر آخر يشبه قصره  وسمي بقصر السلطانة ملك زوجته وأصبح حالياً مدرسة مصر الجديدة للبنات و يقع بشارع العروبة في مواجهة قصر البارون إمبان .

وقد كتب البارون في وصيته أن يدفن في مصر و توفي في بلجيكا في 22 يوليو 1929م ونقل جثمانه إلى كنيسة البازيليك في هيليوبوليس.التي أنشئت مابين عام 1911م و 1913م وكان تصميمها علي نمط تصميم كنيسة أيا صوفيا الشهيرة في إسطنبول .

ملكية قصر البارون إمبان عبر العصور

بعد وفاة إمبان انتقلت ملكية القصر لإبنه «جان» (الذي توفى في عام 1946م ودفن بجوار والده في كنيسة البازيليك )، ثم إلى أحفادة ،حتى بيع القصر في عام 1954م للسوري محمد بهجت والسعودي محمد علي رضا وشقيقه ، وفي عام 1993م سجل القصر رسمياً كأثر. وفي عام 2005م اشترته وزارة الإسكان ، وبدأت وزارة الآثار  أعمال ترميمه في عام  2017 وافتتح عام 2020.

حينما حصل إمبان على موافقة الحكومة المصرية على شراء 6000 فدان  بسعر جنيه واحد للفدان  ، كلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو  بإنشاء خط مترو يربط الضاحية الجديدة بالقاهرة، و إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي بالإضافة إلى الحدائق، وصمم المعمارى البلجيكي أرنست جاسبار فندق هليوبوليس القديم ليفتتح عام 1910م وكان يضم 400 غرفة و 50 شقة وقاعات ضخمة ،وضُمَّ لاحقاً إلى القصور الرئاسية بمصر باسم قصر الاتحادية.

وتميزت الضاحية بوجود شوارع عريضة علي جانبيها تصطف بيوت ارتفاعها لا يتجاوز عدد 4 أدوار، وينتهي شارع الأهرام بكنيسة البازيليك ، وتلتقي حوله مجموعة من الميادين أهمها روكسي والأهرام وصلاح الدين وسفير والإسماعيلية وتريومف وسانت فاتيما والحجاز ، وتوجد مجموعة من الأندية الرياضية والاجتماعية أقدمها هليوبوليس وتم إنشاؤه في يوم أول يناير عام 1910م .

التكوين الداخلي لقصر البارون إمبان

يتكون القصر من سبع حجرات في طابقين ؛ الأول به ردهة واسعة وثلاث غرف إحداها للضيوف والثانية للطعام أما الثالثة فخصصت للبلياردو، ومن السلم الرخامي المزين بتماثيل هندية صغيرة يصعد إلى الطابق الثاني الذي يتكون من ردهة واسعة وأربع غرف أرضياتها من الباركيه ولكل منها حمامها الخاص الذي تكسوه بلاطات من الفسيفساء بألوان زرقاء وبرتقالية وحمراء ، ولكل غرفة شرفة خاصة محمولة على تماثيل الفيلة الهندية وغطيت أرضيتها بالفسيفساء الملونة

سطح القصر «البانوراما» كانت تستخدم في بعض الحفلات التي يقيمها البارون، وكان يتناول فيه الشاي عند غروب الشمس يومياً .

خصص البارون إمبان البدروم (السرداب) للمطابخ وأماكن انتظار السيارات وحجرات الخدم والمغاسل الرخامية، ويتصل بقاعة المائدة عن طريق مصعد مصنوع من خشب الجوز. على الجانب الأيسر للقصر برج كبير كان يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح لمن يجلس به أن يشاهد ما حوله في جميع الاتجاهات، ويتألف من طوابق أربعة تتصل بدرج  حلزوني تتزين جوانبه الخشبية بالرخام وعلى درابزينه نقوش من الصفائح البرونزية مزينة بتماثيل هندية دقيقة النحت. وتحيط بالقصر حدائق على مساحة أكثر من أربعة فدادين بها زهور ونباتات، وتحته نفق يصل بينه وبين "كنيسة البازيليك"

أراد البارون إمبان أن يميز قصره عن باقي عمارات هيليوبوليس التي اتسمت بلون الصحراء "اللون الترابي" واختار الطوبي المحروق والذي أصبح علامةً مميزة لقصر البارون إمبان امتاز بها عن أغلب القصور الموجودة في مصر منذ بنائه وحتى الآن.