الميكروبات المهندسة وراثيا: مستقبل الزراعة المستدامة

في إطار البحث عن حلول للزراعة المستدامة، يتجه العلماء إلى استخدام الميكروبات المعدلة وراثياً كأدوات فعالة لرفع إنتاجية المحاصيل وتأمين الغذاء مع تقليل الضرر البيئي.

يشكل ميكروبيوم التربة الركيزة التي تعتمد عليها النباتات للحصول على العناصر الغذائية والوقاية من الأمراض. البكتيريا والفطريات تربط نفسها بجذور النباتات، تزودها بالنيتروجين، تسهل امتصاص المعادن، وتفرز هرمونات تنشط النمو. ترفع الكائنات نفسها نسبة الحديد والزنك في الحبوب والثمار.

بفضل الهندسة الوراثية، تُضخّم قدرات الميكروبات الزراعية. يُعاد تركيب البكتيريا لصنع إنزيمات تثبيت النيتروجين بسرعة أكبر، وتُعزّز الفطريات لتحتمل الحرارة العالية والجفاف، باستخدام أدوات دقيقة مثل CRISPR-Cas9 لتحسين صفة معينة وتقليل التأثيرات غير المرغوبة.

أمام تحديات تغير المناخ والأمن الغذائي، تقدم الميكروبات حلولاً ملموسة: ترفع معدل التمثيل الضوئي، تُخزن الكربون في التربة، وتُجهّز المحاصيل لتحمل الجفاف والملوحة، ما يحفظ الغلات ثابتة رغم تقلبات الطقس.

لكن هذا التقدم يقف وراء حواجز تنظيمية، إذ لا تلاءم القوانين الحالية سرعة التطور العلمي. تعمل الجهات المختصة على إعداد قواعد واضجة تجمع بين تشجيع الابتكار والحفاظ على البيئة وصحة الإنسان.

تؤدي الميكروبات المعدلة وراثياً وظائف متعددة في دعم الزراعة المستدامة، منها:

• تصنيع العناصر الغذائية والهرمونات داخل التربة كمصانع صغيرة.

• مقاومة الآفات والأمراض بدل المبيدات الكيميائية.

• تجهيز النباتات لتحمل الجفاف وموجات الحر.

• إعادة برمجة المسارات الأيضية لرفع نسبة الفيتامينات والمعادن.

• دعم الاقتصاد الدائري الزراعي بتحويل المخلفات إلى طاقة متجددة.

مع تسارع علم الجينوم وتقنيات التحرير، تتعاظم أهمية الكائنات الدقيقة كقوة دافعة نحو زراعة أعلى إنتاجاً ومرونة واستدامة.